Friday, September 14, 2007

الدكتور يحيى القزاز يكتب : اهانة الشعب ام اهانه مبارك العميل !




إنه الخميس الأسود، وكل أيامنا جعلتها سواد. يا من استعبدك الكرسي واستعبدت بني وطنك، وغرتك الحياة الدنيا بدعم الصهاينة والأمريكان لك، وتذللت لهم واستأسدت على شعبك، وجعلت من خدك مداسا لأعداء الوطن، ومن شعبك الكادح مطية لتنفيذ أغراضك.. تلهب ظهرها عند الاعتراض. نجمك أفل، وابنك قاب قوسين أو أدنى من الهرب، وزوجتك تتآمر عليك وتبيعك حيا.

العاملون معك يلعنونك الآن سرا وغدا جهرا وستكون لهم الشماعة التي يعلقون عليها أخطاءهم عند الحساب. كفاك ظلما وحبس الشرفاء، يا من لا تعرف الشرف ولا الكرامة ولم تشتم يوما رائحتهما. وأعلم أن الحياة لدينا رخيصة رخص الجيف، والميتة الكريمة هدف نسعى إليه وأشرف من الحياة بذل. جاهزون لدخول السجون، جاهزون للمقصلة.. جاهزون للموت. جاهزون للمواجهة.. لم تبق لك إلا أيام معدودات.. وأنت حاليا في عداد الأموات..فاتق الله. لن يرتعش القلم في أيدينا أبدا.. ولن تخيفنا محاكمك الظالمة..

يا أيها الفرعون القميء، واللص الدنيء أغرب عن وجوهنا، واترك الشرفاء يدافعون عن الوطن، ويعبرون عن حال فقرائه. الأحكام الظالمة تستنهض الهمم اليائسة، وتقوى من عزيمة الخائرين وتقضي على ترددهم. وغدا ستكنس الثورة بقية نسلك لأنك ستكون في عداد الموتى غير المأسوف عليهم يا أيها العميل بامتياز مع مرتبة الخيانة الأولى.

الحكم بسنة سجن على أربعة رؤساء تحرير صحف مصرية مستقلة هم عادل حموده، عبدالحليم قنديل، ابراهيم عيسى، وائل الإبراشى وتغريمهم 20 ألف جنيه، وكفالة 10 آلاف جنيه، بتهمة الإساءة إلى الرئيس مبارك ونجله جمال مبارك ورئيس الوزراء، مقدمة مبهمة لما بعدها.. قد تكون تنبيها أو تحذيرا أو نذيرا. القضية مرفوعة من غير ذي صفة، وهذا كاف لانعدام التهمة، لكننا في زمن العجائب زمن "مبارك الأسرة" الثالوث غير المقدس (الأب والأم والابن).
نقابة الصحفيين ترى في الحكم جورا وإعلان حرب على حرية الصحافة، وصحفيو الصحف الحكومية، يرون أن الصحفى ليس على رأسه ريشه، ومادام الصحفي يطالب بمحاسبة غيره.. لماذا لا يحاسب هو (الصحفي)؟ والله كلام جميل.. فعلا لماذا لا يحاسب الصحفي المخطئ؟ ونستطيع أن نمد السؤال على استقامته..لماذا لا يحاسب كل مخطئ في هذا الوطن على تجاوزه؟ واعترف أنني للمرة الأولى أتفق مع صحفي الحكومة، وأقف في صفوفهم –مؤقتا ..أعوذ بالله- وأسألهم ما هو الخطأ وكيف يمكن أن نَعرفه ونُعَرفه؟ وعلى أي أساس يتم تحديده؟ بالتأكيد على أساس القانون فهو المعيار الوحيد لتحديد الخطأ؟ حسنا.. نمد السؤال على استقامة استقامته ونتساءل ماذا عن التجاوز؟ وهل هو فعل أم رد فعل؟ ولماذا التجاوز يكثر في هذه الأيام؟ ومن أساء لمن؟ ومن أهان من؟

أسئلة لا خلاف عليها، والقانون هو المقياس في التعريف والمحاسبة، وفي دولة يدعى نظامها الديمقراطية والشفافية الضبابية، تنطبق القاعدة على جميع المواطنين بغير استثناء لا فرق بين حاكم ومحكوم، غني وفقير، الكل سواء. ونصل إلى التجاوز، والتجاوز هو تخطى الأعراف أو المسموح، ناهيك عن المسموح إن كان صوابا أم خطأ، وبعدها نتباحث في التجاوز إن كان فعلا أم رد فعل. دعونا أو دعوني أعترف، ألست أنا من اخترت لنفسي الوقوف في المكان الآخر، دعوني أعترف –وهو اعتراف فرضي وغير ملزم لغيري- بتجاوز الصحفيين في حق الآلهة وأساءوا إليهم وأهانوهم، وتخطوا ما لم يكن مسموحا به من قبل، غضبت الآلهة وحكمت عليهم بحمل صخرة لكل واحد منهم، وأمرتهم بالصعود إلى أعلى الجبل وعلى أكتافهم الصخرة، كان لدينا في الماضي سيزيف واحد وأصبح الآن لدينا أربعة "سيزيف"، قضى الأمر بالنسبة لثلاثة منهم أما رابعهم إبراهيم عيسى فمازال عالقا على محك محكمة أول أكتوبر، محاكمة أخرى قد تجعل منه "نيرون" مصر في العصر الحديث.

نعم.. لقد "جاوز الظالمون المدى فحق الجهاد وحق الفدى، أنتركهم يغصبون مصر مجد الأبوة والسؤددا (مع الاعتذار للشاعر على محمود طه في حذف كلمة العروبة وإحلالها بكلمة مصر)، ودعونا نتذكر أفعال الآلهة المُهانة، وأرجو ألا نتحامل عليهم، ونتقى الله فيهم كما نتقيه في الضعيفين: المرأة واليتيم؛ رئيس وعد شعبه بألا يمكث أكثر من فترتين انتخابيتين مدتهما 12 سنة تجاوز الآن 25 سنة، تشويه الدستور وتفصيله على مقاس نجله لتحويل الجمهورية إلى جمهورية وراثية، وإقرار نظام اقتصاد " النهبمالية" بدلا من نظام الإشتراكية ، ونظام الرأسمالية، التوسع في اعتقال السياسيين، وانتهاج التعذيب والسحل حتى الموت وانتهاك العرض في أقسام الشرطة، تجريف الدولة وارتفاع الأسعار وتدنى الأجور، وتجريف الدولة بواسطة شلة صديقة للولد وأبيه وأمه، بيع القطاع العام، وتنامي دور القطاع الخاص وإقرار المحسوبية، مجتمع يتفجر.. في كل يوم اعتصام وإضراب عن العمل وعن الطعام، نظام أفقد الدولة سيادتها يأتمر بأوامر إسرائيل وأمريكا، الشعب وصل لحد إنه مش لاقي كوب ماء للشرب، حتى المياه غير متوفرة ونحن في بلد نهر النيل.

جفاف في كل شيء حتى في المياه، الكذب العلني وإقرار الشيء وفعل نقيضه، ألوف قليلة تمتلك الثروة والجاه، و77 مليون مصري يعانون مشقة الحياة، تحويل كل الشعب إلى متسولين، وقليل إلى محسنين، تنامي ظاهرة أطفال الشوارع، رئيس بنظامه غير ملتزمين بالدستور ولا القانون ألا يعتبر هذا تجاوزا؟ ومن الذي بدأ التجاوز؟ ونسينا خصخصة التعليم وخصخصة التأمين الصحي، ونحن أعلى دولة في معدلات الإصابة بالسرطان، والالتهاب الكبدي الوبائي، والسكر والفشل الكلوى، وأمراض الضغط والقلب، حتى الجامعات بدءوا يبيعونها.. تجريف للعلم والعقل والمعرفة، نظام حولونا إلى شعب من القطيع والعبيد والمرضى والجهلاء، نظام كاذب لم يلتزم بدستور ولا قانون، يقول لن نغير الدستور وبعدها يقر تغيير الدستور.. ماهى بلد أبوه واللى خلفوه.. ألا يعتبر كل هذا تجاوزا؟ أليس من حق الوطن محاكمة المتجاوزين؟ وما رأيكم فيمن يتجاوز في اللفظ كرد فعل وتعبير عن حرقه ويقظة ضمير، ومن يتجاوز ويسرق أموال الدولة ويهين الشعب، ويورث الحكم لأبنائه، وتتحكم زوجته في البلاد وتأمر فتُطاع؟ ما رأيكم فيمن يخونون مصر ويمارسون دورا تطبيعيا في مكتبة الإسكندرية ومنتديات الشباب بشرم الشيخ، وا رأيكم فيمن لم يحترم القسم الذي أقسموه بالحفاظ على استقلال الدولة وسلامة أراضيها؟


لعله من الواضح أن تجاوز النظام هو تجاوز الفاعل .. البادئ بالفعل، وتجاوز الصحفيون –وأنا أشك في أنه تجاوز- تجاوز بلادة الضمير. الصحفيون الأحرار صرخوا إحساسا بما نال غيرهم من غبن وذل وظلم، ضمائرهم يقظة لم تتعفن كما تعفنت ضمائر غيرهم وباعوا أبناء وطنهم لحثالة النظام. حاسبوا الصحفيون الأحرار وحاكموهم، فكل دقيقة سجن هي وسام على صدورهم ومصدر فخر لأبنائهم وأحفادهم ونسلهم إلى يوم الدين. وبمد خط الحساب على آخر اسقامته.. حاسبوا مبارك ونظامه وأنجاله وزوجته على ما اقترفوه في حق البلد، على إذلال المواطن وإفقاره وتسوله. العدل في الحساب والمحاسبة يوصل النظام إلى حبل المشنقة.. بالدستور والقانون.. تهمتهم الخيانة العظمى، فرطوا في الوطن وداسوا فوق رقاب شعبه، فرق كبير بين تهمة الإساءة لطواغيت، وتهمة خيانة الوطن. من أساء لمن ومن أهان من؟ صحفيون مارسوا حقهم في النقد بضمائر حية، واتهموا بإساءة وإهانة كهل وطفله وكبير خفرائه، نظام أساء وأهان شعب في أعرق دولة. إن كنا لا نستطيع إنقاذ الصحفيين من ظلم النظام، إلا إننا نستطيع أن ننضم إليهم في محبسهم لتعج السجون بالأحرار.

يا أحرار مصر تذكروا إن من وقع تحت طائلة الموت لا يخشى الوقوع تحت طائلة القانون، وأنه ليس لدينا ما نخسره أمام النظام فلماذا نخاف منه؟ تقدموا وواجهوا النظام وأوقفوه عند حده قبل أن يسحقكم. حبس الصحفيين الأربعة بروفة لما هو قادم للنخبة المعارضة.. الصمت يعنى مزيدا من المهانة والإهانة، والرفض والمقاومة يعنيان الحفاظ على الكرامة.. تقدموا وتظاهروا واعتصموا حتى يتراجع النظام عن أحكامه، تقدموا واسحقوا كل من يريد سحقكم، لا وقت للاختيار فإما نحن وإما هم، والوطن لا يسع كلينا.. لا يسع الضحية والجلاد.

No comments: