Wednesday, September 26, 2007

د. يحيى القزاز يكتب :حاسبوا جمال مبارك قبل هشام قاسم



تجرنا السلطة الحاكمة إلى معارك جانبية لا هدف لها سوى إلهاء الشعب لتمرير شيئا ما في عتمة الليل، وما يُعتم عليه لا يستحق التعتيم، والأمر واضح جلي في محاولة تمرير سطو جمال مبارك على الحكم، أو في المجمل الأعم تمرير مجهول قادم يخدم الصهاينة والأمريكان في المنطقة وضد مصلحة مصر الدولة والوطن العربي الوطن. وعلى المستوى الشخصي لا تعنيني المسرحيات العبثية الموجهة لإلهاء الشعب، وما يعنيني هو مواجهة نظام مبارك المستبد الفاسد وإزاحته عن الساحة المصرية بشياكة وأناقة. وثمة ملاحظة تبدو صغيرة لكنها على جانب من الأهمية أن "جمال مبارك" حاليا بعيدا أو في معزل عما يدور قد يكون بفعل فاعل أو بالصدفة، المهم أنه طرف وديع في تلك الأيام أو هكذا يصورونه اتقاء لسهام النقد، واستعدادا لوثبة قادمة لنمر من ورق على عرش من ذهب.

تقطع السلطة الحاكمة أنفاسنا من معركة مفتعلة لمعركة "متفبركة" مع القضاة وأساتذة الجامعات والصحفيين، وأخيرا تفتح الصحف الحكومية نيرانها على "هشام قاسم" العضو المنتدب السابق لجريدة "المصري اليوم" ونائب رئيس حزب "الغد"- جبهة أيمن نور- وحسب ما جاء في ("المصريون" بتاريخ 24/9/2007) بتهمة تلقي ملايين الدولارات من الولايات المتحدة لاختراق عدد من الصحف المستقلة والحزبية (لاحظوا "التلسين" وعدم ذكر أسماء هذه الصحف)، ومن المنتظر فتح ملف أعماله التجارية وعلاقاته بالإدارة الأمريكية ورجال أعمال صهاينة، وذلك في أعقاب لقائه الرئيس الأمريكي جورج بوش الأسبوع الماضي ..

وهو اللقاء الذي يتوقع أن يخضع بسببه "هشام قاسم" للتحقيق أمام جهات سيادية لاستجوابه بشأن فحواه، ولسؤاله عما إذا كانت المباحثات قد تطرقت إلى الأوضاع الداخلية في مصر" ومن المحتمل أن يواجه الرجل نفس مصير "د.سعدالدين إبراهيم" مدير مركز "ابن خلدون للدراسات الإنمائية" بتهمة الإضرار بالأمن القومي المصري.
الموضوع لا يعنيني، فأمريكا ليست بحاجة إلى معلومات عن أوضاعنا الداخلية من مصدر غير رسمي، فلديها كل كبيرة وصغيرة عن أوضاعنا الداخلية ومن مصادر رسمية سيادية في الدولة بلد، بالدقة من سيادة الرئيس حسنى مبارك ومعاونيه الذين تربطهم بأمريكا علاقة استراتيجية، والاستراتيجية تتطلب الشفافية حتى في الملابس الداخلية، فأمريكا لديها كل المعلومات الموثقة عن وضعنا الداخلى والخارجي وحالنا بين يديها لا يخفي عليها من غير ما تتعب نفسها، وهى ليست "هبلة" وتشتري بضاعة مضروبة، لكن ما أسعدني فيما نشرته "المصريون" هو صحوة ضمير صحفيي الحكومة، وتعقبهم من يلتقون الرئيس جورج بوش ويهدد الأمن القومي، ويتناسون لقاء "جمال مبارك" السري الذي كشفه مراسل "قناة الجزيرة" بالصدفة في منتصف مايو 2006، ولما افتضح أمر "جمال مبارك" أشاعت السلطة الحاكمة أنه ذهب ليجدد رخصة طيرانه أو رخصة طائرته الخاصة، ولقاءات "هشام قاسم" و"د. سعدالدين ابراهيم" و "جمال مبارك" مع "جورج بوش" أو أى مسئول أمريكي لا تختلف طبيعتها من شخص لشخص فكلهم سواء، ولا صفة لهم سوى صفة المواطنة العادية، والكل يفتقد الصفة الرسمية في مصر الدولة، وللأسف لم ينبر صحفي وطني حر يطالب بالتحقيق مع جمال مبارك ولم تنبر جهة سيادية للتحقيق معه، وكأننا نعيش في جنوب أفريقيا قبل إلغاء النظام العنصري فيها، باختصار ما ينطبق على "ابن قاسم" وابن ابراهيم" ينطبق على "ابن مبارك"، ربنا أمر بالمساواة وحتى الدستور بعده.

حاسبوا ما تشاءون "فلان" أو "علان" لكن كونوا أناسا محترمين واستخدموا مكيالا واحدا، وهل يجرؤ مواطن أن يعيش في مصر ويتصل بالإدارة الأمريكية بدون موافقة أو رضا من الجهات السيادية الرسمية؟ (قد يكون الرضا سابقا ويُستغل بأثر رجعي)، ودعوني أستفسر فأنا جاهل بالأمور العليا ماذا يحدث للمتحمسين والواشين أو المنفذين التعليمات السرية بشن الهجوم على "فلان" أو "علان" وجاءتهم التعليمات السيادية بالتراجع عن الهجوم من على الشخص المقصود كما حدث في حالات كثيرة سابقة ولا داعي للإحراج، في أوامر خارجية من الحليفة الاستراتيجية جاءت بالإفراج عن جواسيس قبل نهاية المدة، وفيها أوامر برفع العصا عن المتظاهرين ثم إعادة ضرب المتظاهرين.

هل المقصود من كل العبث السلطوي، حركات العيال تشتيت الانتباه عما يحدث في مصر من فوران وتفجر المجتمع والإعتصامات العمالية؟ لدى كلام كثير للجوقة وسألتزم الصمت، لأنني لا أقبل أن يصدر في حقي حكما بالسجن بتهمة الإساءة للصغار.

من يقدم للمسائلة والمحاكمة بتهمة الإضرار بالأمن القومي بجانب أو قبل "هشام قاسم" هو "جمال مبارك" وأعوانه، وأنا في غنى عن ذكرهم لأنني أترفع عن الصغائر. نظام حاكم "يعيط" لما أمريكا تقطع عنه 200 مليون دولار من المعونة الأمريكية، ويستأسد على مواطنين عادين..ازدواجية أم هبالة واستهبال.

احترام حقوق الإنسان، وإعمال حقوق المواطنة يستلزمان عدم التفرقة، والوطني الشهم الحر الشريف عليه بألا يفرق بين المواطنين، ومصلحة مصر والحرص على الأمن القومي يتطلبان الإعلان بعلو الصوت وبالبنط العريض في الصحافة تقديم جمال مبارك بتهمة الإضرار بالأمن القومي، وعلى الجهات السيادية مباشرة التحقيق معه، ولله الأمر من قبل ومن بعد، وللبيت رب يحميه.

No comments: