Tuesday, September 18, 2007

الامن يرتعش خوفا حتى من حفل افطار الاخوان فى رمضان




أثار قرار إلغاء حفل الإفطار السنوي الذي دأبت جماعة الاخوان المسلمين على تنظيمه منذ عشرين عاما، ردود فعل كبيرة في الساحة السياسية المصرية، فقد اعتبره منتقدون دليلا على ترهل الدولة إلى درجة تخوفها من افطار يحضره سنويا نحو ألفين من النخب السياسية والفكرية والاجتماعية والقبطية.

واعتبره آخرون نتيجة لخسارة الجماعة منافذ اتصالاتها مع الدولة بعد اعتقال خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد، ومخاوف أمنية من ان يتم تصوير الحفل على شريط فيديو يتم تقديمه للمحكمة العسكرية كدليل على شرعية الاخوان.

وكانت جماعة الاخوان اعتذرت في بيان لها لمدعويها بعد ان اعترضت السلطات الامنية على الحفل الذي كان مقررا له يوم السبت 22/9/2007. بعد أن وجهت دعوات لـ 1000 شخص من أعضاء الجماعة والشخصيات العامة والسياسية والفكرية من مختلف الاتجاهات.

قال القيادي في الجماعة د. عبدالمنعم أبو الفتوح لـ"العربية.نت" إن ذلك يسير في نفس اتجاه "سياسة النظام التي ينتهجها منذ عام تقريبا ضد المجتمع كله، مثل الاخوان والقضاة والصحفيين، بعد أن فشل في ايجاد قواعد شعبية، وفي حل مشاكل المجتمع والاقتصاد، وبالتالي لم تعد امامه وسيلة سوى استخدام أجهزة الأمن في تقويض الأنشطة الاجتماعية والسياسية والثقافية التي تظهر عدم قدرته على أداء واجبه ودوره".

وأضاف أبو الفتوح "للأسف تعيش مصر في كنف نظام يسيئ لها ويشوه سمعتها في شهر التسامح والتواصل، فيمنع حفل افطار يحضره مفكرون ومثقفون وأقباط، ولا يحتمل أن يمنع أحقاده على قوى المجتمع ومن بينها الاخوان حتى في شهر رمضان الكريم".


انتخاب مكتب الارشاد


وحول التخوف من تحول مناسبة الافطار إلى فرصة للجماعة لتوزيع برنامج حزبها السياسي واجراء انتخابات مكتب الارشاد الذي يعاني حالة فراغ منذ أكثر من عام بسبب الاعتقالات وموت البعض، قال: هذا حتى لو حدث فإنه شئ يشرف مصر، ولا يجوز أن يكون محل تخوف واحتياط، بل محل سعادة ورضا وفخر، ومع ذلك فإنه لا يمكن أن يحدث خلال حفل افطار".

وتابع "برنامج الحزب أعلن بالفعل منذ أسبوع وتم توزيعه على النخب الفكرية والثقافية ولم تكن هناك نية لتكرار ما أعلن عنه بالفعل سابقا".

واعتبر د. أبو الفتوح "تصدي الحكومة لبرنامج حزب الاخوان، بمثابة استدعاء للقوى الظلامية والدموية ضد شعب مصر واستقرارها".

وحول ما تردد عن نية الأجهزة الأمنية الغاء الحفل السنوي الذي دعا إليه اخوان الاسكندرية، أوضح أن هذا الأمر يخص نادي المحامين في الاسكندرية، فهو افطار معتاد يستأجر له اخوان الاسكندرية أحيانا هذا النادي كما تستأجره قوى سياسية أخرى لهذا الغرض، لكنهم (الأمن) أصدروا تعليمات لكافة النوادي والفنادق في القاهرة وخارجها بمنع حفلات الافطار التي ينظمها الاخوان.

وعن حفل افطار بديل من المتوقع ان تقيمه كتلة الاخوان في مجلس الشعب رد أبو الفتوح بقوله "بالفعل تقيم الكتلة حفلا سنويا، لكن السؤال المطروح، هل ستجد له مكانا هذا العام أم أن الفندق سيعتذر بدعوى أن عنده صيانة مثلا، أو أن تعليمات امنية تمنعه، وإن كان قد قيل لنا صراحة في الفندق الذي اعتدنا تنظيم حفل الافطار السنوي فيه، إنهم لن يستطيعوا ذلك إلا إذا جئنا لهم بورقة مختومة من الأمن".


مخاوف حكومية

من جهته لا يؤيد د. ضياء رشوان الخبير في الملف الاسلامي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ما تردد عن أن السبب الرئيسي لمنع الحفل، الخوف من أن ينتهز الاخوان ذلك لاجراء انتخابات مكتب الارشاد والتطرق مبكرا إلى شخصية المرشد القادم على اعتبار أن ولاية محمد مهدي عاكف قاربت على الانتهاء، وانه أعلن رفضه للتجديد.

وقال رشوان لـ"العربية.نت": لا يزال هناك وقت في ولاية المرشد، فهي تنتهي عام 2010 لأن مدتها ست سنوات من تاريخ انتخابه في عام 2004، لكن منع حفل الافطار هو نوع التصعيد الأمني والتخوف من أن يتحول إلى مناسبة سياسية تؤكد وجود الجماعة وثقلها، في وقت تضيق فيه الحكومة بشكل واضح عليها من هذه الزاوية تحديدا.

ويرى من الأسباب أيضا "التخوف من اعلان حزب الاخوان بشكل رسمي أو الحديث عنه بحيث يكون هناك زخم اعلامي حوله، ومنها أيضا على الأرجح، الرغبة في أن لا تكون لأي حدث سياسي داخلي الغلبة الاعلامية على مؤتمر الحزب الوطني الحاكم الذي سيعقد في 3 نوفمبر القادم".

ويعتبر رشوان أن الالغاء اجراء مؤسف، فهل الدولة المصرية بكل ثقلها تخشى من افطار كتقليد اجتماعي يقيمه الاخوان من سنوات عديدة متواصلة، فحتى لو كان افطارا سياسيا فهو لن يضيف لهم شيئا ولن يستغرق الحديث عنه أكثر من يومين أو ثلاثة إذا طال الأمر، لكن يبدو أن الدولة أصبحت كيانا هشا خائفا بدرجة عالية جدا".
وقال: مجلس شورى الجماعة لم ينعقد منذ عام 1995 حسب كلام النائب الأول للمرشد د.محمد حبيب، وهذا المجلس هو الذي ينتخب مكتب الارشاد، وبالطبع يستحيل أن ينعقد في حفل افطار من هذا النوع.

وتابع: عدد أعضاء مكتب الارشاد الذين القي القبض عليهم خلال في الفترة من 1995 إلى 2002 وأخذوا احكاما بالسجن كان أكثر بكثير جدا من الأعضاء المقبوض عليهم حاليا، ومع ذلك استمرت الجماعة في ذلك الوقت ولم تتوقف، ولذلك لا أظن أن الخوف من اجراء انتخابات للمكتب من أسباب منع الأمن لحفل الافطار، فلا يمكن أن يجتمع أعضاء مجلس الشورى الذي يقال إن عددهم أكثر من 150 شخصا في مناسبة علنية بهذا الشكل، وفي وجود الأمن وكافة الجهات، خاصة ان مجلس شورى الجماعة لا يمثل مصر فقط، فهناك أعضاء آخرون من الخارج.

ويتخوف رشوان من أن يتحول منع افطار الاخوان إلى تقليد للجهات الأمنية تطبقه على قوى سياسية أخرى مثل حزب الكرامة أو حزب الوسط أو حركة كفاية باعتبار أنها قوى لم تحصل على ترخيص، ففي النهاية إذا فتح هذا الباب فإنه لن يغلق، وخطورته أنه لا ينحصر في المنع السياسي بل يتمدد إلى التدخل في المناسبات الاجتماعية للناس، كأن يطلب مستقبلا على سبيل الاحتمال، الترخيص الأمني لحفل زواج شخص منتم للاخوان على سبيل المثال.


تصوير شريط نفي

ويطرح الكاتب الصحفي حمدي رزق على جماعة الاخوان سؤالا يراه مهما جدا، فقد دأبت سنويا على اقامة حفل الافطار، فهل كان يتم بموافقة الأمن؟

ويواصل في حديثه لـ"العربية.نت" أن أصحاب الفنادق يتكلمون عن موافقات أمنية، فهل يعني هذا أنه كانت هناك موافقات في الأعوام السابقة وتأخرت هذا العام، أم أنه لم تكن هناك موافقات من الأساس واستجدت هذا العام كاجراء احترازي أمني.

وأضاف رزق أن بعض "المعلومات السارحة في الأوساط السياسية تقول إن الاخوان كانوا ينوون تصوير شريط فيديو للحفل كدليل نفي على حظر الجماعة أمام المحكمة العسكرية (التي يحاكم أمامها حاليا القيادات والأعضاء المقبوض عليهم بتهمة الانتماء إلى جماعة محظورة قانونا) والدليل إن الحفل أقامته باسمها وبحضور الجماعات السياسية والحزبية والمستقلة، بما يشكل اجماعا وطنيا، وفي ظل تغطية صحفية وفضائية على شرعية الجماعة وشرعية الأمر الواقع.

واستطرد: كان هناك اتجاه اخواني بدعوة بعض العناصر في الحزب الحاكم، ويطلقون عليها (العناصر الصالحة) لحضور حفل الافطار لدعم هذا الشريط، ولا تنسى أن من بين من يحضرونه أقطاب كثيرون سواء من السياسيين أو الصحفيين محسوبون على النظام.

ويتساءل: هل الأمن تنبه لخطورة شريط فيديو مثل ذلك، واستخدامه في المحكمة العسكرية، ربما يكون هذا واقعا. ويضيف: هل الجماعة فقدت عناصر الاتصال السياسية بالدولة باعتقال خيرت الشاطر ورفاقه؟


اتصالات الجماعة مع الدولة


ويتابع: لك أن تعلم أن الذي كان يقيم الحفل ويموله حسن مالك أمين المال في الجماعة، وكان يتولى كل الترتيبات، ولكنه اختفى بدخوله المحكمة العسكرية، فحصل ارتباك في عملية التنظيم وأيضا منع الأمن اقامة الحفل. فهل اختفاؤه كان له دور، وهل حسن مالك ومجموعة الشاطر تملك اتصالات مع الدولة مكنتها في الأعوام السابقة من اقامته، بينما لم يتمكن عاكف ومحمد حبيب هذا العام لفقد الجماعة آليات الاتصال، ولأن دورهما كان في السابق ينحصر في الظهور الفضائي، بينما لم تكن لهم لوجستيا أي علاقة بتنظيم الحفل.

ولا يقلل حمدي رزق من أهمية التخوف من توزيع برنامج حزب الاخوان أثناء حفل الافطار، باعتبار أن ما تم توزيعه حتى الآن هو قليل جدا على عدد من الأنصار والمؤيدين لا يزيدون عن 50 شخصا، وربما يستغل عاكف الحفل في اعلان الحزب، وهذا دليل سلمي للجماعة ورغبتها في العمل السياسي يتناقض مع المحكمة العسكرية التي تتهمها أنها جماعة غير شرعية وتخطط لقلب نظام الحكم

No comments: