Tuesday, June 5, 2007

الفتنة الطائفية في مصر..سببها اسرائيل و الامن

امن دوله

لم تكن الأحداث الطائفية التي عاشتها مدينة العياط مؤخراً سوى تنبيه شديد اللهجة على أن الخطر يزال قائما وأن مصر معرضة في أي وقت لتكرار ما حدث أكثر من مرة مادامت الأسباب قائمة كما هي، ومادام بعض الشيوخ يدعون ليل نهار على المسيحيين بدعوى أنهم ليسوا مؤمنين، فيما ظل -على الجانب الآخر- بعض رجال الدين المسيحي يصفون المسلمين بأنهم الغزاة الذين احتلوا مصر من أهلها.. بمعنى آخر ستظل النار قابلة لأن تلتهب من جديد مادام الرماد
مشتعلا..
الفتنة سببها.. إسرائيل والبترول
!

عن أسباب الاحتقان الطائفي يقول الدكتور "يونان لبيب رزق" أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس ورئيس مركز الأهرام للدراسات التاريخية إن الأحداث الطائفية بالزاوية الحمراء حتى أحداث الإسكندرية ونهاية بالعياط لم تشهدها مصر على مدار تاريخها الطويل وقد جاءت نتيجة لتراكمات طويلة، الأمر الذي خلق جوا من الاحتقان الديني شاركت فيه ظروف عديدة؛ أولها: الوجود الإسرائيلي في المنطقة، فإسرائيل دولة قامت في وسط المنطقة على أساس ديني، فجاء رد الفعل سريعاً وهو أننا أيضا دولة دينية والحرب بيننا هي حرب دينية أيضاً.
والعامل الثاني هو ثقافة النفط فعندما خرج عدد كبير من المصريين إلى دول النفط وعاشوا هناك تأثروا بثقافتهم المحافظة مما نتج عنها شكل من أشكال "المصري النفطي" لصالح "المصريين المسلمين" على حساب "المصريين الأقباط"، فأصبحت هناك ثقافة جديدة في الملابس والتصرف والكلام مما جعل هناك فجوة بينهم وبين المصريين من غير دينهم. أما العامل الثالث فهم أقباط المهجر الذين لعبوا دورا سلبيا وخطيرا في إشعار المصريين بأن الأقباط شيء والمسلمين شيء آخر وزادت من حدة الاحتقان والإحساس بوجود فوارق بينهما.
كل هذه العناصر تضافرت وأخذت وقتا طويلا ولم تتكون في يوم وليلة.. ولم يكن لدينا سياسات وقائية لمواجهة كل هذه العوامل فمثلا تركنا المصريين في الخارج ليتقوقع أقباط المهجر في الكنائس والمسلمين في المهجـر في المساجد دون أن تنشأ نواد مصرية تجمع بين الأقباط والمسلمين في المهجـر ليشكلوا مصريي المهجـر، فنتج عن ذلك كتلة بشرية معادية لسياسات الحكومة ومنادية بحقوق الأقباط وتعقد مؤتمرات وتنفق عليها، هذا كله كان يمكن تجنبه لو كانت هناك سياسات رشيدة تحاول تجميع المصريين بالخارج دون تركهم؛ ليكون المصريون بالخارج وكأنهم جاليتان منفصلتان؛ أقباط المهجر ومسلمو المهجر، وهذا لم يحدث على مستوى الدول العربية الأخرى التي هاجرت قبلنا فهناك لبنانيو المهجر وسوريو المهجر وغيرهم.
المواطن.. مسلم.. ومسيحي

وأكد الدكتور "يونان" أن مصر لم يسبق لها أن تعرضت لهذه الأحداث مطلقا حتى عندما اغتيل "بطرس غالي" باشا رئيس الوزراء عام 1908 وكان كبير الأقباط، وقتها أراد الأقباط أن يردوا على ذلك بعقد المؤتمر القبطي في أسيوط فرد عليهم المسلمون بعقد المؤتمر المصري في مصر الجديدة وشارك فيه أقباط ومسلمون وتم احتواء الموقف ولم يؤثر هذا الحدث في الوحدة الوطنية، فالحل هو التمسك بمصريتنا، وأنا مثلا لست سعيدا بما نشر في الصحف حول التفكير في اعتماد التمثيل النسبي للأقباط في الانتخابات وهو ما يعني أننا فصلنا بين ما نسميه عنصري الأمة وهو ما أفضل أن أسميه المواطنين المصريين. أما الآن فيحرص كل طرف على تسمية الأبناء بأسماء تميز ديانتهم ولهذه الملاحظة أيضا
مدلول يعبر عن حالة الحساسية الدينية الموجودة الآن.
وحذر أستاذ التاريخ من أن يتحول المصريون إلى أقباط ومسلمين وهو ما يحوي مخاطر تهدد أمن الوطن وسلامته
خاصة أن هناك قوى متربصة داخل مصر وخارجها تسعى إلى زيادة التصنيف على أساس ديني، فحق المواطنة يجعل الكل يتمتع بكافة الحريات والمزايا، أي يكون من حق المواطنين بناء دور العبادة الخاصة بهم وأن يتم الترشيح والانتخاب على أساس وطني وليس دينيا فالقبطي مواطن مصري، كما أن المسلم مواطن مصري، وليس الحل في أن أجعل هناك تمثيلا نسبيا للأقباط وهو ما يكرس الوضع الذي نعيش فيه ويزيد من حدة الطائفية.
واستطرد: كنا نهتم جميعا بشئون الوطن.. عاصرنا حروب 48، 56، 67، 73.. كلنا كنا نذوب خوفا على مصر وتختلط دماء المسلم والمسيحي دفاعا عن أرضها وحريتها..
القضية الآن قضية الجيل الحالي كله الذي لم يشعر بهذه الأحاسيس التي عشناها وافتقد المشروع والهدف القومي الذي يوحد مشاعر الجميع.. وهذا الفارق نجده حتى في استخدام الشعارات فالإخوان المسلمون رفعوا في معركتهم الانتخابية شعار "الإسلام هو الحل"، وفي الحزب الوطني رفعوا شعار "الفكر الجديد"، فماذا يعني هذا الفكر الجديد ولكن من قبل كنا نرفع شعارات يذوب فيها الجميع مثل "الدين لله والوطن للجميع" "لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا".. ولقد عجز الاستعمار نفسه عن أن ينال من هذا النسيج الواحد وهو ما يعني أننا نعيش ظروفا أسوأ وأخطر كدنا نفقد فيها ما لم نفقده أيام الاستعمار وهو وحدتنا ونسيجنا الواحد.
أحداث الكشح.. مرحلة "الطائفية الجديدة"!
من جهته يرى الدكتور "عمرو الشوبكي" الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن هناك مجموعة من العوامل التي أدت إلى تصاعد هذه المشاحنات، أهمها غياب الدولة وضعفها، وحرصها قدر الإمكان على استمرار هذه المشاحنات دون أن تصل إلى مرحلة المصادمات الواسعة، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على مناخ الكراهية والطائفية المتصاعد في المجتمع، فمثلا لا يكفي أن يكون الشخص مختلا لكي يذهب إلى كنيسة ليعتدي فيها على المصلين، دون أن يكون محملا بثقافة دينية متعصبة وشديدة التطرف، تدفعه إلى الاعتداء على مواطنين أبرياء كل ذنبهم أنهم ذهبوا إلى الصلاة بسلام في كنائسهم.

وفي رأيه أن أحداث الكشح الطائفية عام 1999هي البداية الحقيقية والإنذار الأقوى الذي دل على أن هناك خللا ما أصاب العلاقة بين المواطنين المسلمين والأقباط، فيما وصفه بـ"الطائفية الجديدة" حين كانت الحكومة المصرية سعيدة بإقامة حفل عالمي ليلة رأس السنة في سفح الأهرام لإظهار وجه "مصر الحضاري"، في الوقت الذي كانت الهجمات الطائفية غير الحضارية تجري على أرض الواقع في صعيد مصر في تناقض صارخ اعتدنا عليه.
وعضد من تلك المأساة ما أسماه بالتدهور الهائل في مستوى الدعاة المسلمين ثقافيا ودينيا وسياسيا الذي ارتبط بصورة كبيرة بالتدهور الذي حدث في المؤسسات العامة، فهم أشبه بموظفي الحكومة الذين نجدهم في الوزارات المختلفة، ولا ينطبق عليهم تكوين أو خبرة رجال الدين في عصور ما قبل انهيار الأزهر في العقود الثلاثة الأخيرة، كما لم يحملوا أيضا المميزات النسبية التي تتمتع بها الكنيسة نتيجة استقلالها عن الدولة.
وفي المقابل واجهت الكنيسة الطائفية بالطائفية والتعصب بالتعصب، والدولة الضعيفة ببناء دولة موازية أكثر قوة، ودعمها في ذلك جماعات قبطية في المهجر مارست ضغطا طائفيا لانتزاع ما تصورته مكاسب للأقباط على أمل أن تنتزع من الدولة بعض المكاسب نتيجة الضغط الخارجي والداخلي.
غياب.. الدولة!
واعتبر خبير الأهرام أن بعض الجماعات اليمينية المتطرفة في الغرب التي لديها مشكلات مع الإسلام واليهودية ومع كل الثقافات والحضارات الواقعة خارج الحضارة الغربية المسيحية، قد عملت على تحويل الدولة المصرية إلى كيان ضعيف يعيش على مواءمات الضعف لا كبرياء القوة المنبثقة من دولة القانون، القائمة على العدالة وعدم التمييز بين المواطنين، وأصبحت إدارة الحكومة المصرية لأزمات الوطن دليل تخبط وعشوائية، غاب عنها الحس السياسي والرؤية السياسية، وتاهت في حلول إدارية متخبطة قـلصت من كفاءة الدولة المصرية في كل المجالات العلمية والإدارية والمهنية. وأصبح مطلوبا من الحكم الحالي أن يحل مشكلة طائفية، هو المسئول عن تصاعدها، ولا يمكن أن تجد حلولا حقيقية إلا في ظل نظام حكم آخر، لأن أي حل جذري لأي مشكلة مصرية سيعني في واقع الأمر خلق تفاعلات جديدة في المجتمع أكثر صحية من التفاعلات الحالية، ستتجاوز إيقاع النخبة الحاكمة شديد البطء محدود الكفاءة.
واستبعد الدكتور "الشوبكي" الحل السياسي لتلك المشكلة وذلك في ظل حالة انسداد الشرايين السياسية والاجتماعية التي تعيشها البلاد، وأصبح معها المجال الديني هو المجال الوحيد غير المحظور أمام حركة المسلمين والمسيحيين على حد سواء

No comments: