Wednesday, January 16, 2008

جمهورنا المسلم المنسي في غانا!


فراج إسماعيل : المصريون

اللاعب رقم (12) الذي تجاهله المسئولون عن الكرة المصرية في دورة غانا، كان يمكن الاستعانة به بسهولة من الاقاليم الغانية حتى لو تعثر سفره من مصر، بسبب المسافة البعيدة وارتفاع التكاليف، وربما تعذر الحصول على أماكن في فنادق كوماسي المتواضعة التي لا تزيد عن ثلاثة نجوم.
لو كان الأزهر متواجدا بقوة في أفريقيا كعهده في الماضي الجميل، وخاصة في غرب القارة حيث يكثر المسلمون، لوجدنا جماهير تشجعنا تلقائيا، لكن الانكفاء على الذات والتقوقع والعزلة السياسية والثقافية جعلت الناس هناك تنظر إلينا بغرابة شديدة، رغم أن مؤسس غانا كوامي نكروما وأول رئيس لها، كان يعرفه في اوائل الستينات عامة المصريين، وكان مع الزعيم الغيني سيكتوري علامة وطنية أفريقية مميزة حفرت نفسها في أعماقنا خصوصا عندما أعلن الاثنان وحدتهما التي لم تستمر سوى عام واحد فقط لأسباب خارجة عن ارادتهما.

كان كوامي نكروما الذي اطيح به عام 1966 ينظر إلى كل أفريقيا باعتبارها وطنا واحدا، وكان يرى في مصر الشقيقة الأكبر سياسيا وثقافيا وجغرافيا. عشقها واستلهم تاريخها القديم والحديث. فيما كان شيوخ الأزهر وأبرزهم في ذلك الزمان من الخمسينات والستينات الشيخ شلتوت والشيح عبدالحليم محمود رحمهما الله، لا يتوانون عن دعم الاسلام في أفريقيا وتخصيص منح كافية لابنائها للدراسة فيه.
في كل قرية ومدينة في غانا مسلمون، في بعضها يشكلون الأغلبية خصوصا في الشمال مثل "تمالي" العاصمة الادارية الثالثة. وفي كوماسي التي ستلعب فيها مجموعتنا، نسبة كبيرة من المسلمين، وتقع في وسط البلاد على مسافة 300 كم من العاصمة اكرا.
يشكل المسلمون بين 30 و35% من 22 مليونا هم جملة سكان غانا التي كانت تسمى قديما بساحل الذهب قبل أن يطلق عليها نكروما اسمها الحالي عام 1957 عند استقلالها من بريطانيا.

والذي لا يعرفه البعض أن هناك مسلمين في كوماسي يتحدثون العربية بطلاقة.. بعضهم اكتسب ذلك عندما كان الوجود الأزهري كثيفا في مدارسهم ومساجدهم ومراكزهم الاسلامية، وبعضهم الآخر من الشباب حديث السن الذين تخرجوا في معهد كبير تابع للمجلس الأعلى للدعوة والبحوث الاسلامية المكون من ثلاثة فروع في كوماسي وتمبالي والعاصمة اكرا، وتخرجت في معاهد هذا المجلس حتى الآن عشر دفعات متخصصة في اللغة العربية والعلوم الاسلامية.

والعجيب أنهم يرتبطون نفسيا بنا عندما يسمعون أننا وطن عبدالباسط عبدالصمد ومحمد صديق المنشاوي ومصطفى اسماعيل، الذين سمعت أصقاع أفريقيا ومجاهلها أصواتهم، عندما كانت في مصر في زمنها الجميل امبراطورية واسعة للبارعين في تلاوة وترتيل القرآن الكريم.

صديقي عبدالله يس أستاذ في معهد اكرا، وكان قد درس الفقه في الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة، وتعرفت عليه عام 1992 عندما كنت أعمل في جريدة "المسلمون" السعودية، وظلت علاقتي به قائمة وازدادت عمقا في ظل البريد الالكتروني والماسنجر، قرأ بانزعاج شديد ما كتبته عن أقوال منجمي الاشانتي، فأرسل لي معاتبا "كأنك يا أخي لم تر إلا هذا الجانب في غانا، فلماذا تجاهلت المسلمين هنا وما يمكن أن يؤدوه من دعم معنوي لأي فريق عربي، سواء مصر أو السودان أو المغرب أو تونس".
والحقيقة التي كشفها لي عبدالله أن الأمر كان سهلا ميسورا لو قمنا بجانب مهم وهو استكشاف هؤلاء المسلمين، وزيارة معاهد المجلس الأعلى للدعوة والبحوث الاسلامية الذي يحاول بكل ما أوتي من جهد رغم فقر الامكانيات أن يحافظ على أعداد المسلمين من الانحسار، وقد كانوا يوما أغلبية مطلقة خصوصا عندما حكم المغاربة هذه البلاد عام 1600 ولكنهم تناقصوا بعد ذلك، سيما بعد حصول الدول الأفريقية على استقلالها وترسيم حدودها.
الاحصائيات الرسمية تقول أن عدد المسلمين يتجاوز قليلا 15% وهو ما يرفضه قادتهم مستدلين بوجودهم الكثيف، لكن الحقيقة أن الدولة في غانا تعطيهم حريتهم كاملة في بناء مساجدهم ومراكزهم الاسلامية وتلقي مساعدات من الخارج، وهو ما اهملته مصر ممثلة في الأزهر، وللأسف أهملته دول عربية أخرى بعد أحداث سبتمبر، بينما احتلت ايران المكان الخالي وانشأت في عام 2000 كلية اسلامية في اكرا لنشر المذهب الشيعي الذي لم يكن له أي وجود بين السكان، وتوفر لهم منحا كثيرة للدراسة في قم، وبالفعل التحق بها الكثير من أبناء المسلمين بغانا الذين يعتنقون مذهب أهل السنة والجماعة.
أنا بالطبع لا أحاول ادخال الدين في الرياضة، ولكني اتحدث عن اخوان لنا هناك نجهل وجودهم ولا نعرف فقط إلا قبائل الاشانتي، حتى أن استاذنا محمود معروف سئل في قناة فضائية، كيف يمكن جذب جمهور غاني في كوماسي لتشجيع منتخب مصر، فرد بأن يذهب رئيس بعثتنا ويقابل ملك الاشانتي ويأخذ منه تصريح بذلك.
ويقول لي عبدالله يس إن أبسط الأشياء هي المصاحف التي تنقصنا، فلو جاء أي رجل أعمال مصري أو عربي وتبرع للمجلس الأعلى للدعوة والبحوث الاسلامية بأي عدد من المصاحف، فان ذلك كان سينعكس في تعرف أبنائنا على منتخبكم ومؤازرته.

No comments: