Wednesday, July 11, 2007

اول مره كاتب كبير يكتب مقال تعليق على خبر كتبته بالطريقه الرائعه ديه ...


تعداد الأقباط .. بداية لتقسيم مصر تعقبيا على خبر العبد لله فى الدستور
جمال أسعد عبد الملاك – المصريون !
تكرر الحديث في الآونة الأخيرة عن تعداد أقباط مصر ، سواء كان ذلك من قبل القلة المعروفة من بين أقباط المهجر أو من بعض أساقفة الكنيسة أو من بعض الذين اتخذوا من مشاكل الأقباط "سبوبة" للاسترزاق ، فقد وجدنا الأسبوع الماضي الأنبا بسنتي يصرح في مؤتمر كنسي في أرض الجولف ـ أثناء الاحتفال بسنوية جريدة مغمورة تعمل لحساب أحد الأساقفة الذي يدور حوله خلاف ومعارضة ـ بأن " عدد الأقباط في مصر يتراوح ما بين 10و15 مليونا" ، واستشهد على ذلك بأن البابا حين قابل الرئيس كارتر عام 77 أكد له أنه أب روحي لسبعة ملايين مسيحي ، وأيضا حينما التقى البابا سيد مرعي رئيس مجلس الشعب الأسبق وقال له إن الأقباط عددهم 6.5 مليون .. وعقب بسنتي على ذلك بقوله : "يبقى العدد كام دلوقت؟ ، وهل يتضاعف كل شيء عدا عدد الأقباط ؟
" .
" الجريده هو الدستور والمحرر هو العبد لله على فكره" وقبل الدخول في مناقشة الهدف الخفي والمعلن من إثارة تلك القضية ، ينبغي هنا توجيه عدة أسئلة لبسنتي ومن هم على شاكلته ، وعلى رأسها : هل قامت الكنيسة بعمل تعداد للأقباط في مصر ؟ وإذا كان ذلك قد حدث حسب تصريحات هؤلاء فما هي الآلية البشرية التي قامت بهذا التعداد ، وعلى أي أسس علمية استندت ، وبأي حق قانوني ، وما هي الجهة الرسمية التي سمحت بذلك للكنيسة ؟ إذ من المعروف أن القيام بمثل تلك الإحصائيات ممنوع قانونا لغير الجهاز المختص بذلك . من الواضح هنا أن هذا التعداد ما زال فكرة في ضمير هؤلاء ، حيث إن الاستدلال على شبه العدد الحقيقي تحوطه محاذير كثيرة ، كما أن الاعتماد على الإحصائيات الرسمية يمكن أن يصل بالدارس إلى أكثر من عدد ، وكل عدد له ما يبرره ، وحتى عندما يعلن بسنتي ـ ولا أعلم ما هي صفته للحديث عن تلك القضية ـ أن العدد يتراوح ما بين 10و 15 مليونا ، فهذا يعني ببساطة أنه كلام مصاطب ولا علاقة له بأي أساس علمي أو استقراء حقيقي أو تعداد فعلي كما يزعمون . وإذا كان الموضوع لا يزال في إطار القياس ، فلماذا الحديث عن تعداد الأقباط ؟ وما المقصود من ذلك ؟ وما الهدف المرجو في نظر هؤلاء لصالح الأقباط ؟. من المؤكد أن كل من يثير تلك القضية يقصد هدفا محددا ويسعى إلى تحقيق نتيجة بذاتها ، والسؤال هنا : لماذا قال البابا لكارتر عام 77 إن الأقباط سبعة ملايين ، مع العلم بأن عام 77 شهد قمة المواجهة بين البابا والسادات ، وهو العام الذي عقد فيه مؤتمر للأقباط برعاية البابا بالإسكندرية مثل مؤتمر سيدني عام 1911 ، وهو أيضا العام الذي دشن فيه المناخ الطائفي الحقيقي ، حيث كانت الجماعة الإسلامية مسيطرة على الحياة الجامعية ـ وخاصة في الصعيد ـ وبالتالي فماذا كان يقصد البابا عندما طرح على كارتر عدد الأقباط في ضوء هذا المناخ ؟ وهل هناك علاقة ما مباشرة أو غير مباشرة بين الحديث عن تعداد الأقباط والصعود به كل بضعة أعوام قليلة من سبعة ملايين إلى عشرة ، والآن يركز الحديث على خمسة عشر مليونا، وهل هناك علاقة بين من يهتمون بتلك القضية ، وما طبيعة تلك العلاقة ؟ وما الذي يربط مثلا عدلي أبادير وأتباعه مع البابا وأساقفته مع أصحاب دكاكين الاسترزاق باسم مشاكل الأقباط ، لكي يركزوا ويتفقوا كلهم على الحديث عن عدد الأقباط والاتفاق على رقم 15 مليونا ؟ وهل هناك علاقة بين الحديث عن هذا التعداد ومطالب البابا المتكررة والمعلنة بتخصيص نسبة للأقباط في مجلس الشعب مثل نسبة الـ50 % للعمال والفلاحين ؟. وما العلاقة بين هذه القضية وإثارتها من قبل الكنيسة وبين ذلك المخطط المعلن من بعض مراكز الأبحاث الأمريكية ، والذي يطالب بدولة للأقباط تحت زعامة الكنيسة ؟ وهل يعني ذلك صراحة أن إثارة تلك القضية هي نوع من بالونات الاختبار للمطالبة بنظام المحاصصة أو الحصة الذي يطالب به عدلي أبادير وأتباعه في الخارج وفي الداخل ، والذي أعلن عنه في كل مؤتمراتهم التي يحضرها أعضاء من الكونجرس ومن اليهود الذين لا يخفون مواقفهم العدائية للعرب وللمسلمين وللمنطقة ؟. والغريب أنه إذا كان هذا مطلب عدلي وأمثاله من المرتبطين بالأجندة الأمريكية ، والذين يبشرون بها ويؤيدونها في المنطقة بعد احتلال العراق وتقسيمه على أسس طائفية كانت السبب في تدميره وتخلفه عشرات القرون .. وإذا كان هذا المطلب يطالب به ويشجعه هؤلاء اليهود والصهاينة الذين يتعاون معهم أبادير تنفيذا لذلك المخطط الصهيوني المعلن في ثمانينيات القرن الماضي ، والذي يهدف إلى تقسيم المنطقة طائفيا ـ بما في ذلك مصر ـ بين المسلمين والمسيحيين ، تبريرا لبقاء المجتمع الإسرائيلي الطائفي .. نقول إنه من الغريب إذا كان هؤلاء يفعلون ذلك ويسعون لتنفيذ تلك المخططات لمصالحهم الخاصة أن تقع الكنيسة المصرية ذات التاريخ الوطني المصري المشهود في نفس الخطأ ؟ فهل نسى البابا ـ وهو مدرس تاريخ ـ كيف رفض الأقباط والكنيسة مسألة التمثيل النسبي هذه عند مناقشة دستور 1923 ؟ ، وهل نسى رفض الأقباط لكل مخططات الاستعمار البريطاني الذي أراد استغلال ورقة الأقباط وإسقاطهم لمخطط "فرق تسد" ؟. وهل نسى رفض بابا الكنيسة قبول مساعدة قيصر روسيا للأقباط ، وهل نعلم أن أي حديث عن نسبة أو حصة للأقباط تعني تقسيم مصر على نحو لا يقوى أحد على احتمال نتائجه ؟ وهل ترون لبنان وماذا تفعل تلك الحصة باستقلاله واستقراره ، وكيف تستغل تلك الحصة من القوى الأجنبية للسيطرة على لبنان من باب اللعب على الطوائف ؟ والأهم من ذلك كله ، هل التركيبة التاريخية والاجتماعية المصرية تصلح فيها تلك النسبة ؟ ألا تعلمون أن لعبة الحصة هذه تعني القسمة والفرقة وتكريس الصراع وتأجيج الطائفية وإذكاء التوتر الديني ، وأنها لن تحل أية مشاكل وإنما ستفجر مشاكل أكبر ، فضلا عن أن مسألة تمثيل الأقباط في المجالس التشريعية عن طريق الحصة ستكون وبالا عليهم ، نظرا لما يزخر به هذا النظام من تناقضات طبقية وفئوية واقتصادية واجتماعية وطائفية ، ناهيك عن أنه يعني تكريس دور الكنيسة ، وهو ما تريده الكنيسة بالفعل حتى تصبح لها نسبة في المجالس التشريعية والمواقع التنفيذية ، بما يعني تأسيس حقوق للكنيسة ورجالها على غير الدستور والقانون . فما بالك والوضع بعيد عن حصة الأقباط ، وفي ذات الوقت تصر وتضغط الكنيسة على أن يكون لها رأي ونصيب ؟ ما بالك ـ قبل إقرار نظام الحصة ـ والكنيسة ترشح الأقباط لمواقع الوزارة والتعيين في مجلسي الشعب والشورى ، وهل اللعب بورقة الضغط الخارجي لكي تكون هناك حصة للأقباط سيخلق من فراغ ؟ وما رأي المؤسسات الدستورية ؟ وما رد فعل الآخر ؟ وما النتائج الاجتماعية والسياسية لتلك الخطوة ؟ . إننا نناشد الجميع هنا إعادة الحسابات ، وأن تترك الكنيسة ورجالها المصريين المسيحيين ليناضلوا من أجل حل مشاكلهم ، فهذا ليس دور الكنيسة وهي غير مؤهلة له ، كما أن الخارج لن يحل مشاكلهم ، والذي يتغطى بأمريكا "عريان" ، فلتذهب أمريكا لتحل مشاكلها في العراق ولتحمي المسيحيين الذي غادروا العراق وتركوها . والسؤال الآن : هل يمكن أن يترك الأقباط الكنيسة لدورها الروحي ، وأن يشاركوا ويخرجوا إلى المجتمع ويطالبوا بحقوقهم ويناضلوا كمصريين لتحقيق حرية حقيقية وديمقراطية صحيحة تجسد حق المواطن ولا تفرق بين مصري وآخر لأي سبب ؟ وهل يمكن أن تخرج الدولة عن سلبياتها وتسعى مع مواطنيها لخلق مجتمع يتيح المشاركة للجميع ، حتى يتم حل مشاكل الجميع ولا نعطي الفرصة لأحد لكي يستغل مشاكل المصريين كذريعة للتدخل في شئوننا. وأخيرا ينبغي أن نؤكد هنا أن الازدواجية في الخطاب هي بداية السير في الطريق الخطأ ، فالذي يعلن أن مشاكل الأقباط تحل في الداخل لا يصح ولا يستقيم أن يطالب بالحصة ، أو أن يطلق بالونة تعداد الأقباط ، فلا يعنينا كم عدد الأقباط وإنما الذي يعنينا هو أن مصر وطن لكل المصريين .

No comments: