Friday, July 27, 2007

اقرا حوار الانبا بيسنتى الكارثه مع جريده الحزب الحاكم



الأنبا بسنتي في حوار من القلب لـ«الوطني اليوم»:البابا شنودة يساند الحزب الوطني عن قناعة.....

* دعنا نبدأ من الأحداث الأخيرة التي وقعت في العياط، ما رؤيتك لها كمشكلة.. والحل الذي تقترحه؟**

رؤيتي.. إنه مادامت المادة الأولي من الدستور تنص علي إعلاء شأن المواطنة، فيجب تفعيل هذا المبدأ، وان تكون تلك المادة مدخلنا لمناقشة وحل جميع المشكلات التي تحدث، بمعني أن الجميع يتعامل علي أساس مصريته، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو غير ذلك.. إن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام ونحن نعترف أن هذا حق لإخواننا المسلمين، فقد عشنا 14 قرناً تحت لواء الإسلام، لكن المشكلة في تحقيق الرضا والتراضي بين جميع المواطنين وان نجعله السمة الأولي في التعامل بين الناس علي مختلف انتماءاتهم الدينية.. أنا لا أتخيل أن قرية مثل قرية «بمها» بالعياط.. المسيحيون فيها ليسوا أصدقاء للمسلمين اعتقد بنسبة 100% أن كلاً منهم تجمعه صداقة وطيدة بالآخر، وكان يجب علي الإخوة المسلمين في «بمها» أن يفعلوا كما فعل المسلمون في «العليقات» بمحافظة «قنا»، فقد خرج بعض الأفراد منذ أسبوع بعد صلاة الجمعة ونووا أن يفعلوا كما حدث في «العياط» إلا أن هناك من المسلمين من وقف لهم وقالوا: «لن يحدث أي اعتداء علي المسيحيين».. هذا أمر عظيم من الإخوة المسلمين، وهذا أيضاً واجب الشرطة في أن تمنع وقوع مثل هذه الأحداث فالمهمة الأولي لرجال الشرطة هي حفظ الأمن والسلام وتأمين المواطن علي بيته وماله وعرضه وكل شيء.. فتحقيق الأمان والاستقرار مهمة المواطنين ورجال الأمن علي حد سواء.. أمر آخر يجب ان يعالج سريعاً وهو وصف المسيحيين بـ«الكفر»، لأن القرآن لم يقل هذا، إذن فالمسيح ومن تبعه شيء والكفار شيء آخر.. و ذكر القرآن أن أقرابهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصاري».. إذن المسيحيون ليسوا كفاراً ولا مشركين، وعلينا أن ننشر هذا الفكر الصحيح وأن نخرج من دائرة الفكر الخاطئ للدين.. ولكن كيف ننشئ، المواطنين تلك التنشئة الصحيحة؟العلاج يكمن في وصفة بسيطة، لن تكلف الدولة شيئاً، وهي النظر إلي التعليم بدايةمن مرحلة «كي جي ون» حتي مرحلة البكالوريوس، بأن ندخل علي النظام الحالي فقرة تعليمية، يلتقي فيها الأطفال والطلبة برجل دين إسلامي وآخر مسيحي، مفاد حديث الرجل الإسلامي أنه يعبد الإله الواحد عن طريق القرآن الكريم وأنه وأخاه القسيس يحبان هؤلاء الطلبة الذين يمثلون مستقبل مصر، التي تجمع الكل، وهكذا يكون حديث القسيس، لكن الاختلاف أنه يعلم الناس طريق ربنا عن طريق الإنجيل.. هذه الرسالة الموجهة للنشيء تعلق بذهنه مدي الحياة، ولن يكلف الدولة هذا الأمر شيئاً، لأنه لا يوجد قرية أو مدينة في مصر من الإسكندرية حتي أسوان إلا ونجد بها رجل دين إسلامي وآخر مسيحياًَ وهذان هما قطبا تلك الفقرة التعليمية.

* مازلنا نبحث عن الأسباب الحقيقية لأحداث الاحتقان، لماذا أصبحت تلك الأحداث في تزايد وتتكرر علي فترات متقاربة؟**

المشكلة في عدم التنشئة، في البيت وفي المدرسة ودور العبادة، فالبيت عليه أن يكون بذرة العلاقة الحميمة مع الطرف الآخر، وعلي المدرسة أن تقوم برسالتها في هذا الإطار، ودور العبادة عليها أن تكون أمينة في تناول صورة الآخر.. فأنا لا أتحدث عن أخي المسلمياً إلا بكل ود ومحبة وهكذا حديث المسلم عني، فنحن إخوة في المقام الأول، ثم كون أني مسيحي وأنت مسلم فهذا شأنك وهذا شأني.*

لماذا ترتبط أحداث الاحتقان بقصة بناء الكنائس؟

** لأن قضية تكفير المسيحي في حاجة إلي علاج، وعلينا أن يكون منهجنا في التعليم أن هناك مسلماً ومسيحياً وليس هناك مسلم وكافر، فأنا أتحدث في الكنيسة عن أن الموجود في الشارع مصريون، منهم المسلم ومنهم المسيحي ولا يفترقان إلا عند وقت الصلاة، فيذهب المسلم للمسجد والمسيحي للكنيسة.. في حرب أكتوبر 1973 سال دم المسلم والمسيحي علي أرض الوطن وجاء النصر بأياد مسلمة ومسيحية والرئيس مبارك نفسه أصر علي أن يخرج في جنازة فؤاد عزيز غالي، فالرئيس يعمل ولكن للأسف، نحن كشعب «مش قادرين نلاحقه في فكره اللي هو عايز خير للبلد».

* هل يمثل قانون دور العبادة حلا لقضية الاحتقان في الشارع المصري؟

** هذا جانب من الجوانب، ولكن قبل صدوره يجب ترسيخ تلك القيم، إن المسيحي يؤمن بالله وشريك وطن والمسلم مؤمن بالله وشريك وطن.

* هناك بعض المفكرين والباحثين الأقباط وعلي رأسهم د. سمير مرقص الذي وصف حالات الاحتقان علي أنها نوع من التوتر الناعم أو حالات فردية، لكنه قال: «إن ما حدث في العياط كان هجوماً جماعياً»، فما رأيك في هذا؟

** الهجوم الجماعي موجود ولم يكن مقصوراً علي حادثة العياط وحدها، فما حدث في حادثة الكشح الثانية التي راح ضحيتها 21 فرداً.. كان هجوما جماعياً، وكان الإرهابيون في الثمانينيات يهجموم علي الكنائس في تجمعات، أما اليوم فإن الإخوة المسلمين يخرجون بعد صلاة الجمعة بحماس شديد، وهذا يتطلب مراجعة خطيب المسجد فيما قاله للمواطنين وهذه مهمة وزارة الأوقاف، فلم يحدث أن خرج شعب أي كنيسة علي أي فرد مسلم أو مؤسسة إسلامية إلا بكل ود وكل احترام.. نعم شيخ الأزهر وغيره من العقلاء، يرفضون ويستنكرون تلك الأحداث، ولكننا في حاجة إلي تفعيل هذا الأمر، فلا يكفي القول بأن المسيحيين طيبون ومتسامحون، لكن في نفس الوقت يجب أن يأخذوا حقوقهم وان يشعروا بالأمان داخل بلدهم.

* كثيرا ما كتب البابا شنودة للرئيس مبارك ولكن هذا الأمر كان يحدث علي فترات متباعدة، فما المغزي من الخطاب الأخير للبابا إلي الرئيس؟

** لدي نص رسالة البابا إلي الرئيس، ولقد كتب البابا في نقطتين، أولاهما أن المسيحي الذي أسلم وأراد أن يعود إلي المسيحية، يجب كتابة ديانته المسيحية في البطاقة، فالدولة لا تمانع في عودة المسيحي إلي المسيحية مرة أخري، لكنها تمانع في كتابة الديانة المسيحية في البطاقة، فلماذا هذا؟.. وقد نص القرآن علي أنه «لا إكراه في الدين»، فرجل كان يعتنق المسيحية، ولظروف معينة سواء كانت مشكلة أو ضيقة أو أي ضغوط أسلم وأراد أن يعود مرة أخري لمسيحيته، فلماذا نمنعه؟!.. والدولة ليست ممانعة في هذا ولا الكنيسة، فلماذا تقف وزارة الداخلية ضد هذا؟.. وترفض حكماًلا صدر في السابق بحق المسيحي الذي أسلم وأراد أن يعود إلي مسيحيته بكتابة ديانته المسيحية في البطاقة، وتستند في ذلك الرفض إلي الحكم الذي صدر مؤخراً من محكمة القضاء الإداري علي خلاف الحكم الأول.. عفوا في حديثي، هل عدد المسلمين قليل في البلد؟.. نحن نعاني زيادة سكانية في كل من المسلمين والمسيحيين.

* وماذا تضمن الجزء الثاني من رسالة البابا؟

** تناول أحداث العياط، فالموضوع بات بتكرر كثيرا والشرطة تعلم بمثل هذه الأحداث ولا تقدم أي شيء.

* حمل البابا شنودة اجهزة الأمن مسئولية ما حدث في العياط إلي ، فهل هذا بالنسبة لتلك الأحداث فقط أم أن الأمر ينسحب علي جميع أحداث الاحتقان؟

** بصراحة لو أن الأمن شاعر بأن الذين يتصارعون هم اخوته لما تركهم، فأنا لو وجدت أخاً مسلماً «بيتخانق» مع أخ مسيحي، سوف أدخل بينهما وأقول لهما: «انتما إخوة»، وأنا مواطن عادي، فما بالك لو كنت رجل أمن.. ان مهمة رجل الأمن هي رد من يريد أن يؤذي أخيه المواطن.. ويفهمه أن ما يقوم به يعرضه للمسئولية ويضعه تحت طائلة القانون، وعلي كرجل أمن أن ألفت نظر القيادات الشعبية الموجودة والدينية المستنيرة إلي ضرورة الجلوس إلي بعضهم لأنه أصبح هناك جو غير صاف، فما حدث في العياط بشأن بناء الكنيسة كان بالاتفاق مع الأجهزة الأمنية ولم يكن من تلقاء أنفسهم. وإلا أصبح أمر البناء مخالفاً للقانون وفي هذه الحالة فإن المناط بإصدار أمر المخالفة هو الأجهزة المعنية سواء كانت السلطات المحلية بالمحافظة أو غيرها، لكن مواجهة المخالفة لا تكون بالاعتداء البدني، وإلا أين دولة المؤسسات؟ وأين المؤسسة الأمنية والقانونية؟

* في حوار للبابا مؤخراً حول التزامه الصمت أثناء أحداث العياط، قال البابا: «إن علي الإنسان يقل خيرا أو ليصمت»، فلماذا يعتكف البابا أحياناً عندما تقع حادثة كبري هل خوفا من ان يغضب اجهزه الدوله ام تضرعا للرب لحل المشكله .؟

.. ** البابا يسكت أحياناً، حتي تهدأ الأمور إلي حد مهل وتعود المياه لمجاريها، ويكون قد استوعبها جيدا وعاد إلي طبيعته ثم يتكلم بكل صراحة ووضوح.. البابا يحمل كل خير لجميع المصريين مسلمين ومسيحيين، وهذا سبب الحب الذي يجمعه والرئيس مبارك، كما تتم دعوته رسمياً في المؤتمر الإسلامي السنوي العالمي الذي تنظمه وزارتا الأوقاف والأزهر ويقول كلمة جيدة، الكل ينصت لها، ويسجل ما يقوله عن نقاط وملاحظات لأنها تكون بناءة، فأنا لا أنسي كلمته عام 1977 عندما قال: «أنا مستعد أن أفدي المواطن المصري مسلماً أو مسيحياً.. بدمي»، وهذا ما جعله ذات مرة يبكي متأثراً، فالفرد عندما تتقدم به السن يكون تأثره شديداً.. وعندما تحدث أحد الأساقفة عن مادة الشريعة الإسلامية في الدستور، علي أنها دين الدولة الرسمي والمصدر الرئيسي للتشريع، قال له قداسة البابا، «لا تتحدث مرة أخري، لأن هذا ليس كلامنا ولا كلام الكنيسة، فإخوتنا المسلمون هم الأغلبية ومن حقهم أن يطبقوا شريعتهم، لكن في نفس الوقت لا يجب أن يؤثر هذا علي حق مواطن مصري».

* لماذا صور البعض اعتكاف البابا أكثر من مرة علي أنه تصعيد ضد الدولة؟

** ما فيش تصعيد ولا حاجة.. أنا النهاردة لما أكون واخد علي خاطري منك، وتيجي تسأل علي، يقولون لك: «ده قافل علي نفسه شويه».. قد يكون مشغولاً وقد يكون متأثراً قليلاً، فالأمر كما لو كان اثنان أخوان، وحدث بينهما سوء تفاهم، وأحب أحدهما أن يلتزم الصمت قليلاً، فقد يتحدث الفرد وهو في حالة ضيق، فيتفوه بكلام، هو غير راض عنه، فالصمت حكمة.. وأنا شخصيا رفضت الحديث لوسائل الإعلام وغيرها العام الماضي عندما وقعت أحداث الإسكندرية، لأني كنت «واخد علي خاطري» وهذا بلدي..

* رؤية قداستك لنبرة خطاب أقباط المهجر؟

** غالبية أقباط المهجر «كويسين» ومخلصين ويحبون سيادة الرئيس ويحبون الخير لمصر، وهناك البعض ممن دخل في السياسة بزيادة يحب يصعد الأمور يسبب أحداث مثل هذه، وأنا ألتقي بهم خلال سفري للخارج سنوياً وأقول لهم: «مصر بخير بمسلميها ومسيحييها».

* كيف تري مؤتمراتهم التي يهاجمون فيها مصر؟

** الخط واضح دائماً.. المؤتمر الذي يصب في الصالح، فإن الكنيسة لا تعلق عليه، أما إذا كان مؤتمراً يهاجم ويخبط فنحن نرفضه تماماً.

* ما يتداول بين الناس، هو أن هناك تقسيم أدوار بين الكنيسة وأقباط المهجر؟

** لا.. أنا آسف.. وأقولها بصراحة.. لا.. لكنهم هناك في بلاد «اللي عايز يقول فيها حاجة.. يقولها»، والحديث قد يحمل الصواب وقد يكون خطأ، فإذا أخطأ فنحن في الداخل نقول له «لا» أما إذا أصاب فأهلا وسهلاً.. عندما سئلت في إحدي القنوات عن أقباط مصر، قلت: «هذا شأن مصر الداخلي، وعندما أتحدث عنهم فأنا اتحدث إلي بلدي وإلي رئيسي وحكومتي وبرلماني، ونحن لسنا في حاجة لأحد كي يجهز لنا بيتنا ونحن كفيلون بتجهيزه».

* كيف تري حديث «مايكل منير» عن أقباط مصر في الكونجرس الأمريكي؟*

* أولاً، أنا لا أتحدث مع أي هيئة أجنبية عن بلدي، فقد جاء وفد الكونجرس الأمريكي منذ سنوات وطلب لقائي ورفضت، لكني التقيتهم في بيت د. علي السمان، عندما زرته وكانوا هناك بالصدفة، فأنا لا أحب الحديث مع أي واحد أجنبي عن بلدي، ومشاكلنا نحلها في الداخل فلن يقف بجواري وقت الأزمات إلا أخي المسلم، الذي يؤمن بالمواطنة، التي وضعها مبارك كمادة أولي في الدستور.

* عندما تم القبض علي الجاسوس المصري محمد العطار قال: «إن العدو حاول زرعه وسط أقباط المهجر لينقل لهم ما يدور بينهم «كيف نقي أقباط المهجر مثل هذا التآمر»؟

** الأمر ليس خفياً، وقلناه كثيراً وقرأناه بالعربي والإنجليزي منذ السبعينيات، إن خطة العدو هي تفتيت الشرق الأوسط علي أساس عرقي أو ديني حتي نتحول إلي مجموعة دويلات، وقد حدث ذلك في العراق ويحدث في غيرها، ولا تظن أنهم ساكتون عن مصر، فهي العدو الأول لهم بمسلميها ومسيحييها.. أما بالنسبة لأقباط المهجر فهم مثل الأقباط في الداخل، وما يختلف أن في الخارج مجال حرية أكبر قليلاً وقد يتحدثون عن أحداث «بمها» أو غيرها ولكن في النهاية فإن حبهم لمصر كبير، وعلي مر التاريخ رفض أقباط مصر أي تدخل خارجي بينهم وبين المسلمين وقد حدث ذلك مع الفرنسيين والإنجليز وغيرهم، لأن انتماءنا لمصر قبل الدين، والمسلم المصري أقرب لي من المسيحي الأمريكي أو أي مسيحي غير مصري.

* تعودنا دائماً أن نسمع أقوالا تحض علي السلام مثل «الله محبة» و«أحسنوا لمبغضيكم»، وغيرهما لكننا وجدنا في الفترة الأخيرة استدعاء من النص ما ينم عن الاستضعاف، فقد قرأت في حوار للبابا والعديد من الكهنة، استشهاده بقول المسيح: «في العالم سيكون لكم ضيق، فاعلموا أنا وقد غلبت العالم»، فلماذا هذا الاستدعاء؟

** هذا يعني أن هناك تحويراً أو سوء فهم لمقصد الآية، ففي هذا الموضع، يتحدث السيد المسيح إلي المؤمنين، لأنه كانت هناك مشاكل كثيرة وضيق شديد من الحكام الرومان، ثم البيزنطيين، ثم جاء الإسلام حسم الحل، فكان هناك الحاكم العادل الذي أراح المسلمين والمسيحيين، أما إذا جاء حاكم غير عادل فإنه يتعب المسلمين والمسيحيين، فهذا ما يقصده المسيح بأنه سيكون في العالم لكم ضيق، أما قوله «أنا وقد غلبت العالم»، فهذا من خلال المحبة وليس السلاح كما يفسر البعض، ولذلك قال المسيح: «مملكتي ليست من هذا العالم» فالمسيح جاء ليؤسس «ملكوت» لكن مركزه السماء وليس الأرض، ولذا تجد المسيحي متسامحاً، فهذه الآية لا تعني أو تحض إلا علي التسامح وليس حمل السلاح.

* اليوم.. نحن إزاء انتخابات الشوري، هل سيدفع البابا المسيحيين مثل كل انتخابات لتأييد الحزب الوطني؟**

إذا كان البابا شنودة يساند الحزب الوطني فهذا عن قناعة، ولكن البابا لا يدفعهم إلي حزب معين، ولهم كامل الحرية في اختيار الحزب الذي يمثل توجهاتهم السياسية، والدليل علي ذلك أن منير فخري عبدالنور المسيحي الأرثوذكسي وفدي، فالبابا يقول لهم انشطوا وشاركوا في اختيار من يمثلكم في البرلمان.

* البعض صور المجموعات التي يكونها الأنبا موسي داخل الكنيسة علي أنه انحصار وتقوقع أكبر للأقباط داخل الكنيسة، فكيف تري هذا الأمر؟

** هذه المجموعات تندرج تحت فكرة المشاركة الوطنية ودفع الأقباط للتثقيف السياسي والخروج عن العزوف، والحقيقة أن الأنبا موسي شكل العديد من المجموعات حيث وضعت كل واحدة منها هدفاً أمامها تسعي لتحقيقه، فمنها مجموعات لمكافحة البطالة وأخري من أجل الصحافة، فهدفها هو التنشيط العام وليس التقوقع.

* لوح البعض مؤخراً إلي إنشاء مجلس أعلي للمواطنة بمقتضي المادة الأولي من الدستور، فكيف تري هذا الاقتراح؟

** هذا اقتراح جيد، ولقد التقيت مؤخراً بالمستشار عدلي حسين محافظ القليوبيةو د.مسعد عويس نقيب الرياضيين و اقتراح علي شيئاً من هذا القبيل لكنه أطلق عليه «مرصد المواطنة».. فاقتراح مجلس أعلي للمواطنة أمر جيد، لكنه في حاجة إلي صلاحيات جادة حتي يكون فاعلاً.

* كيف تري تشكيل هذا المجلس؟**

يجب أن يضم أعضاء من جميع طوائف المجتمع .. علمانيين ورجال دين إسلامي ومسيحي ومفكرين ورجال أمن وغيرهم، بشرط أن تكون المجموعة منسجمة مع بعضها حتي تنجز في عملها.

* شهدت العلاقة بين الكنيسة وجماعة العلمانيين حالة من الشد والجذب وتردد كثيراً أن هناك حواراً دار بين أعضاء من الجماعة والأنبا موسي أسقف الشباب، ما هو موقف الكنيسة من الجماعة حالياً؟

** العلمانيون هم مصريون مسيحيون، يبحثون عن دور يلعبونه وقلت هذا لوزير الإعلام ذات مرة في التليفزيون.. فلو أرادوا أن يخدموا ويشتغلوا فعليهم التوجه إلي الكنيسة، فسيدة مثل د. جورجيت قليني وهي عضو في مجلس الشعب قدمت جهدها للدولة والكنيسة، فأصبحت محبوبة من الدولة والكنيسة معاً، إذن فالمسئوليات تعطي لمن هو كفء.. فهم يبحثون عن دور يلعبونه والكنيسة لا تغلق أبوابها، لكننا لنا دور في التعامل داخل الكنيسة، فمناقشة قضايانا في الإعلام، ليست وسيلتنا للتفاهم داخل الكنيسة لأننا لنا أب كبير داخل الكنيسة هو البابا شنودة ثم بعده آباء من المطارنة والأساقفة، ثم آباء من الكهنة والقساوسة وإذا أراد العلمانيون العمل داخل الكنيسة فعليهم الدخول من هذا المدخل، أما إذا كانوا قد اختاروا طريق الإعلام، فلهم ما اختاروه.

* هل حديث العلمانيين حول بعض القضايا مثل تعديل لائحة انتخاب البابا وتقنين المحاكمات الكنسية وغيرهما، يتسق مع متطلبات الواقع أم أنه محض افتراء؟**

اليوم أنا مواطن مصري ولاحظت حاجة معينة في شيء معين، فأخاطب الناس كلها وانتظر الرد، هكذا الحال بالنسبة للكنيسة، فإن من لديه أي ملاحظة سواء متعلقة بنصوص قوانين أو تعديل لبعض الأوضاع، فعليه أن يتقدم للكنيسة وينتظر الرد، وإذا لم يكن هناك رد فعليه أن يتحدث لأي فرد في الكنيسة لاستعجال الرد عليه.

* أرسل العلمانيون بالفعل ما انتهي إليه المؤتمر الأول إلي الأنبا موسي والأنبا مرقص، ولم يرد عليهم أحد حتي انعقد المؤتمر الثاني، فمتي يكون الرد؟*

* معلش يصبر شوية.. كما أن العلمانيين ليس لهم قاعدة شعبية وأعداد الذين حضروا مؤتمرهم الثاني تؤكد هذا، كما أن هذا ليس أسلوبنا في التعامل داخل الكنيسة بعيدا عن السياسة، والأسلوب هو أن أتقدم برأيي لقداسة البابا أو السكرتارية وانتظر حتي يأخذ دوره، ولكن من يتمسك بعرض رؤيته بطريقة سياسية أقول له: «لا» .

* السياسة لمن؟

** لكل مواطن مع الدولة، أما الكنيسة فلها أسلوبها الخاص.

* أليس العلمانيون مواطنين؟

** كلنا مواطنون، لكن أنت مواطن مسلم، فمايخص دينك ترجع فيه إلي الأزهر، وأنا مسيحي وما يخص ديني أرجع فيه إلي الكنيسة ونلتقي معا في السياسة.

* أمر المشاركة السياسة يخص من.. العلمانيين أم الكنيسة؟

** المشاركة تخص الشعب كله، ولكننا كقادة كنسية نتحدث عن توجيهات وملاحظات، لكننا لسنا رجال سياسة.

* لكنهم يرون في تلك التوجيهات والملاحظات عملاً سياسياً خالصاً، ليس للكنيسة الدخول فيه، فما رأيك؟*

عندما نعطي للناس التوجيهات، فالناس تسألنا، فإذا لم نجب، يقولون: «انكم لا توجهون الشباب للمشاركة» وإذا شجعناهم علي المشاركة يقال: «هذا تدخل في السياسة»

* لماذا ذهب العلمانيون وجبهة الإصلاح الكنسي لمهاجمة شخص الأنبا بيشوي فقط؟*

* إذا كان الأنبا موسي هو صانع الحوار مع العلمانيين، فهو صديق حميم للأنبا بيشوي، ومن الممكن أن يجيب هو عن هذا السؤال.. وأقول إن كل ما بين الكنيسة والعلمانيين هي أمور بسيطة من الممكن أن تنتهي في جلسة.

* شهدت الفترة الأخيرة خروج العديد من التنظيمات والجماعات المسيحية في الوجه البحري والقبلي والتي هتفت ضد الأنبا بيشوي وغيره، وهو ما أعاد للأذهان جماعة الأمة القبطية التي خرجت في نهاية الأربعينيات ثم انحرفت بمسارها، لماذا خرجت تلك التنظيمات، وهل هناك خوف منها؟

** جماعة الأمة القبطية خرجت وانتهت، وهذه التجمعات تشبهها فعلاً إلي حد ما، وهي عبارة عن ناس تبحث عن دور يلعبونه داخل الكنيسة، لكنهم لم يسلكوا الطريق الصح، فأنا عندما فكرت في أن أخدم في الكنيسة كنت طالباً في الجامعة، وبالفعل انضممت إلي الكنيسة، ثم بدأت التفكير في الرهبنة، وكانت هناك إرادة أن أصبح قساً لكنيسة في شبرا.. ورفضت لأنني أريد أن أترهبن، وبعد فترة من الرهبنة طلبني البابا لأخدم في إحدي الكنائس ثم خدمت في الإسكندرية، ثم طلبني للعمل في القاهرة.. وأنا أقصد من هذا أنني أقدم ما عندي، وربنا لو عايز يعطيني المسئولية فإنه سيعطيها لي، ففي الكنيسة الأولي، لا يأخذ هذه الوظيفة من أحد، بل المدعو من الله، فهذا شيء يعطيه الله للإنسان بعكس الاشتغال بالسياسة.

* قداستك قلت إنك ذهبت إلي سلك الرهبنة وطلبك البابا للعمل في الكنيسة، وكانت إحدي مطالب العلمانيين هي فصل الرهبنة عن الكنيسة، فهل هذا حق أم أنه مطلب علي غير الصواب؟

** لا.. أولا الرهبنة نشأت في العالم كله من مصر، وبدأت كحركة بجانب الكنيسة، ثم لمست الكنيسة فيما بعد أن الرهبنة تمثل مسيحية نقية وعميقة وأصيلة، فبدأت تنتقي قياداتها من الرهبان وذلك منذ أن ظهرت الرهبنة في القرن الثالث الميلادي.. لقد نبعت الرهبنة من الإنجيل الذي قال: «من يتزوج يفعل حسناً.. ومن لا يتزوج يفعل أحسن».

* البعض يري أن المزج بين الاكليروس والرهبنة، أدي إلي تراجع الرهبنة، فهل تتفق مع هذا؟

** لم تتراجع بسبب المزج بين الأكليروس والرهبنة، لكنه كان لظروف معينة مرت بها الكنيسة في الألفية الأولي والثانية، ثم نشطت مرة أخري والدليل علي ذلك أن عدد الأساقفة «ربنا يبارك»، وحتي رجال الدين المتزوجين في تزايدا أيضاً ونوعيات من أعلي المؤهلات في كل التخصصات سواء في الرهبنة أو الاكليروس.

* زار البابا شنودة الإمارات وافتتح عددا من الكنائس في وجود بعض أفراد الأسرة الحاكمة وعدد من ممثلي المؤسسات الحكومية هناك، متي نري مثل هذه المشاهد في مصر؟

** صدقني كنت ستشاهد مثل هذا الموقف الرائع منذ سنوات، عندما صدر قرار جمهوري ببناء كنيسة في حوش عيسي وكانت هناك عثرات أمنية، وتحدث إلي الأنبا «بخميوس» مطران البحيرة، علي أن اتحدث إلي شيخ الأزهر في شأن بناء الكنيسة وبالفعل تحدثت إلي شيخ الأزهر فقال لي: «تعالي ومعك الأنبا بخميوس»، وتم الاتفاق علي أن يحضر البابا شنودة افتتاح معهد أزهري بدمنهور ثم يتم الانتقال إلي حوش عيسي لوضع حجر أساس الكنيسة، لكن للأسف تم إلغاء هذا الأمر لظروف ما وحل محل البابا شنودة الأنبا «بخميوس» ومساعده الأنبا تادروس وحل محل شيخ الأزهر بعض الشيوخ، فهذه حالة من الحالات الموجودة، كما أن الرئيس مبارك حضر جنازة «حنا ناشد» وفكري مكرم عبيد ويحضر في الكاتدرائية، فهذا له معان كثيرة، ويؤكد أننا إزاء مشهد مواطنة غاية في الروعة.

* بعد أحداث العياط لفت البعض إلي أن خطبة الجمعة متهمة في إحداث الاحتقان، فهل تتفق مع هذه الرؤية؟

** خطبة الجمعة ليست متهمة دائماً، ولكن المناطق التي تقع فيها مثل هذه الأحداث يعني أن هناك خللاً، فليس من المعقول أن يقول الشيخ في الخطبة كلمة عن الحب والود مع المسيحيين وتكون الثمرة، أن يخرج المسلمون علي إخوتهم المسيحيين بهذا الشكل، من المؤكد أن الخطبة كان فيها كلام يشجع علي هذا العمل، وهنا دور الأمن والحس الأمني الذي يشتم مثل هذه الأحداث ويمنع وقوعها.

* د. أحمد كمال أبو المجد قال: «إن للأقباط حقوقاً مشروعة في مصر، لا يجب التهاون في تحقيقها»، من وجهة نظرك، ما هي تلك الحقوق؟**

أولاً: حرية بناء دور العبادة، ثانياً الا تمنع أي وظيفة عن شخص مسيحي لكونة مسيحياً.

الحوار منقول حرفيا

No comments: